Friday, April 23, 2010

حد أدني . . . حد أقصي . . . حد لذوذ خالص


تلقي أبي دعوة من أحد أقاربنا لحضور زفاف ابنته في يوم الجمعة الماضية -عقبال عندكم- و نظرا لبعد المكان المقام فيه الحفل أراد أبي أن أذهب معه و بينما نحن في الطريق كنا نسمع برنامج "علي الناصية" للإعلامية آمال فهمي و في إحدي الفقرات قامت بلقاء عاملتا نظافة و عندما جاء الحديث عن الراتب كادت أعصابي أن تنفلت و أقفز من فوق كوبري 6 أكتوبر حيث كان الرقم ضئيل للغاية حيث لم يتجاوز 300 جنيه مصري لا غير و حينما سألت إحداهما عن عدد أبنائها فأخبرتها أنهم خمسة فلامتها علي الإفراط في الإنجاب مما أغضبني بشدة و كأنها لو كانت أنجبت طفل واحد لأغناها هذا الراتب المضحك المبكي, إنتهي اللقاء واسترسلت في الحديث مع أبي عن موضوع الأجور فحكي لي عن شيء حدث في عام 1970 حيث كان راتبه في الإذاعة المصرية آنذاك كشاب حديث التخرج 37 جنيه مصري و أجر عامل النظافة 52 جنيه مصري كما أعلن في إ علان عن طلب عمال نظافة فقام أحد العاملين بالكتابة في أسفل الإعلان (ليتني عامل نظافة), سمعت الحكاية و لم أعلق و ظللت صامتا أفكر في المفارقة المحزنة التي تجعل خريج الجامعة عام 1970 يتقاضي راتب أقل من راتب عامل النظافة لو نظرنا في وقتنا الحالي سنجد أن كثير من الفئات الواجب تقديرها ماديا و معنويا يعانون من حالة إجحاف و ظلم بالمقارنة بفئات أخري "مع كامل إحترامنا لها" لكن حالة الإجحاف هذه تحط من شأن العلم و مرتبة ذوي المؤهلات العليا في وطن في أمس الحاجة لإعلاء قيمة العلم. أخرجت نفسي من خواطري و حكيت لأبي حكاية أكثر طرفة لكن من القطاع الخاص, كانت زوجتي تعمل في إحدي الشركات المتخصصة في مجال الدعاية و لأنها أعتبرت حديثة التخرج اتفق معها صاحب الشركة علي مدة إختبار 3 شهور براتب 600 جنيه شهريا, طبعا وافقت زوجتي علي مضض و مرت الثلاثة شهور علي خير و عندما سألت عن راتب ما بعد مدة الإختبار فوجئت بأن الزيادة كانت عظيمة لدرجة وصلت بالراتب إلي 800 جنيه و عندما أظهرت عدم رضاها بدأ في رفع القيمة بمقدار خمسون جنيها في كل كلمة حتي وصل إلي 950 جنيه و لأن زوجتي لا تريد أن تفقد مهاراتها وافقت, وفي نفس الوقت قد عرفت من محاسب الشركة أن رئيسها المباشرأستاذ (س) و الذي لم يكن يرأس غير إثنين منهما زوجتي و الحاصل علي بكالوريوس تجارة و ليس مثل زوجتي خريجة الفنون الجميلة يحصل علي 4000 جنيه , اللافت للنظر هو حالة التفاوت الغريبة بين رواتب العاملين و الأغرب أن من يدفع 4000 جنيه و يحرص علي ألا يصل براتب آخر إلي 1000 فيجعله 950, و تمر الأيام و يستقيل أستاذ (س) و بالطبع عرفت هذا من زوجتي و هي تحكي لي عن مفاجأتين أولهما أن عم (ص) الساعي راتبه 700 جنيه في الوقت الذي كان راتبها 600 جنيه و أن أستاذ (س) ذو الأربعة آلاف جنيه غير حاصل علي بكالوريوس تجارة و إنما حاصل علي دبلون تجارة!ـ


بعد أن حكيت هذه الحكاية تذكرت عنوان بإحدي صفحات الرياضة عن أحد لاعبي كرة القدم يرفض عرض من أحد الأندية و قد كان العرض يقدر بـ 600,000 جنيه في السنة أي ما يعادل 50,000 جنيه شهريا أي ما يعادل دخلي سنويا فشعرت أن هناك إختلال في معايير الأجور في مصر و الذي يظهر جليا عند مقارنة أجر الممثل بأستاذ الجامعة و لاعب الكرة بالمهندس و الطبيب و بالتأكيد الدبلوم بالبكالوريوس .ـ
ملحوظة:- ـ

ـ يبدو أن مشكلة الأجور هذه عريقة جدا.ـ

ـ الغرض من كتابة هذا الموضوع ليس الحط من شأن فئة ما لأنه لا مجال للتعالي هنا لكن كان الغرض هو لفت النظر لضرورة لتحديد الحد الأدني للأجور و الحد الأقصي أيضا و مدي تناسب الأجر مع المستوي العلمي و الثقافي و الفني للفرد ليتحقق المواطن المصري ماديا و معنويا بشكل مرضي, عندما يحدث ذلك يمكن للاعبي الكرة و الفنانين أن يحصلوا علي ما طاب لهم من أجور خيالية ما دام أساتذة الجامعة في مصرنا الغالية لا يحتاجون للإعتصام لنيل أبسط حقوقهم "راتب حقيقي".ـ

ـ منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام قام أحد قراء بريد الأهرام بحساب ميزانية طعام أسرة من أربعة أفراد "منظمين الأسرة" فوجدها 360 جنيه علما بأن هذا الطعام كان شطيرتي فول و طعمية لكل فرد في كل وجبة و قد كان هذا عندما كان سعر الشطيرة خمسون قرشا فلو فكرنا اليوم في قيمة نفس البند اليوم فستكون الميزانية 540 جنيه للطعام فقط و الحكومة لم ترضي عن 1200 جنيه كحد أدني للأجور .ـ

1 comment:

دنيا الحياة.... said...

بعيدا عن المهزلة اللي بتحصل كتير واللي حصلت في شغل الشركة اللي اشرت حضرتك ليها ..فأنا اصر ان وجود الامانة والضميروافتقاد الاخلاق في العمل اهم بكتير من القصور المادي ..فالفقر..لايبرر النصب والسرقة والفوضى..زي بظبط الغنا لا يبرر السلطة والجشع..
وربنا يصلح الحال ..
شكرا
:)