Thursday, August 14, 2008

الاحتلال و الاعتلال

أذكر حينما كنت أعمل باحدي المكاتب الاستشارية بحي حدائق الزيتون و الذي كنت اذهب اليه مستخدما المترو (احدي انجازات السيد الرئيس) و بما اني كنت اصل لمحطة الجيزة مبكرا في حوالي السادسة و النصف فاجد الاماكن الشاغرة لانتقي منها ما احب و في كل مرة كنت اجلس علي حافة المقعد و في يوم ما و اثناء قراءتي لاحد الكتب (التسلية الوحيدة في المترو حيث لم يكن معي مذياع بالهاتف المحمول مثل الان) رفعت عيني لاري نفسي في انعكاس زجاج النوافذ امامي فوجدت وجهي عابس نعم عابس ليس محايدا بل عابسا و عندما امعنت النظر وجدت من امامي و بجانب صورتي في زجاج النافذة امامي عابسا هو ايضا فدفعني الفضول لأري باقي من بالعربة فوجدتهم هم ايضا عابسي الوجوه فعجبت لهذه الحالة التي لا اعتقد انها كانت موجودة من قبل في المصريين لأنه علي حسب علمي القليل ان المصريين معروفين بالابتسامة ملئ الشدقين اذن ماذا حدث؟

اذا عدنا لايام زمان . . . زمان اوي لوجدنا أن الاغاني كانت تتغني برضا المصريين و اشراق وجههم كما تقول اغاني سيد درويش حينما قال في زمنه "صبح الصباح فتاح يا عليم و الجيب ما فيهش ولا مليم –واخد بالك من الجيب ما فيهش ولا مليم- بس المزاج رايق و سليم –مع ان الجيب مفيهش و لا مليم- باب الامل بابك يا رحيم".ـتعالي نركز شوية بقي, اذن ايام سيد درويش كان الناس لم يكن معها المال الكافي "لروقان البال" لكن مع ذلك كان المزاج رايق و سليم و الناس ضاحكة و سعيدة مع شكواها من ضيق الحال شأن المصريين من ايام فرعون حتي الان. اذن ماذا حدث للمصريين ليختفي روقان البال و نحن لا نشكو من محتل كما كان الحال أيام الشيخ سيد درويش.ـ

بعد إمعان و تركيز شديدين وجدت أنه عندما كان الوطن محتل كان المصري لديه الدافع الذي يجعله مصمما علي مقاومة الظروف الصعبة و مسبباتها "أي المحتل" ليستطيع العيش و التعايش حتي يقضي الله امرا كان مفعولا و بالتالي كان لابد من أن يكون المصريين علي طبيعتهم في حياتهم اذن لابد أن يضحكوا و أن تسطع أسنانهم بعد سماع الاغاني الجميلة العاطفي منها و الوطني و النكات الساخرة من المحتل و عملاءه و هكذا كان المصريون يعيشون احلك الفترات و هم يضحكون حتي في الحرب و الحصار لم تجمد الا بعد الهزيمة النكسة المؤسفة ولكن ليست لفترة طويلة لأن المصري لم يسلم للاحباط فاجتهد و استعد لينتصر و في اثناء العمل كانت الابتسامة لا تفارق الوجوه ليقين ان النصر ات لا محالة بعون من الله.ـ

جميل جدا اذن اكيد المصريين "مكلدمين" لسبب قوي و قوي جدا كمان, ايه يا تري؟ من وجهة نظري "الضيقة" و من ملاحظتي الواسعة لتاريخ المصريين هو انهم كانوا دائما لديهم الوقود المحرك اللي هو ايييييييه؟ الأمل. الأمل, وقود استعان به المصريون و هم يبنون الأهرامات و المعابد وهم يدحرون الغزاة في كل وقت وهم يعبرون القناة كان الامل القوة المحركة للمصريين في كل وقت, لكن بعد أن نضب الامل و جفت اباره من نفوس المصريين بسبب الاحباطات و القرف و اليأس الذي يعيشه المصريون فتحولت نفوسهم الي نفوس معتلة تعيش علي ارض محتلة, احتلها الفساد و عربدت فيها الفوضى بمنتهي المجون الظاهر في سيادة البلطجة "الشوارعية و الاقتصادية و السياسية و الفنية" حتي أصبح كل شئ في حالة فوضي لنري أن المثل الاعلي للشباب هو المطرب و لاعب الكرة و الممثل ومثال النجاح هو رجال المال و النضوج السياسي هو رجال امانة السياسات وادوات النظام لضبط النظام هم المسجلون خطر حتي اصبح لا أمل أمام الغلابة "ممن لا يستطيعون استخدام المطواه" الا أن يعبسوا في وجه محتليهم الذين ضيقوا عليهم الحياه حتي استحالت الي ثقب ابرة و قمعوهم بقسوة حتي طحنوا عظامهم و تلاعبوا بقوتهم حتي وهنوا و اصابهم الضعف و الهزال و الاعتلال لصالح قلة هم اعضاء تنظيم اجرامي احتل الوطن و تحول جزء من الشعب "الاخوة المفتحين" الي صبيان لديه "أي المحتل" فيتركهم يعيثوا في الارض مفسدين في مقابل أن يساعدهم هؤلاء الصبية بشتي الوسائل علي ان يستمروا علي عروشهم ليستمروا في ملئ كروشهم.ـ

السؤال هنا هل انتهت القصة عند هذا الحد ام أن هناك أمل؟ لابد من أمل و الا القنوط و هو ما نهانا عنه الله لذلك يجب علينا "المصريين الحقيقيين" ألا نستمر في حالة الاحباط هذه أكثر من ذلك و لدينا المثل المصري القائل "ما ضاقت الا اما فرجت" و الله تعالي يقول في كتابه العزيز: ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم. صدق الله العظيم.أعتقد أنه علينا أن نحاول و نثابر في المحاولة لننقب عن ابار جديدة للأمل في نفوسنا لنزيل اثار الفساد و المفسدين و في نفس الوقت نكون لأنفسنا مهذبين مغيرين عائدين للأفضل ليعود لنا سلوكنا الطيب و لتعود الينا قيم الحق وبقائه و استمراره و لتعود لنا الابتسامة المشرقة للوجوه المصرية الطيبة كما كانت قبل أن يحتل الفساد مصر المحروسة.ـ

ملحوظة:ـ
ما استفزني "لأفضفض" عن هذا الموضوع أني تذكرت أياما ولت من عامين لاحظت فيها شئ مازالت البرامج و الصحافة و علماء الاجتماع تتحدث عنها حتي الان.ـ
علي فكرة كلامي عن "الكلدمة العامة" كان فقط ملاحظة حتي قرأت "مانشيت" في جريدة الدستور -العدد131بتاريخ 19سبتمبر 2007- علي لسان دكتور ناصر لوزة أمين عام الصحة النفسية أنه من 14 الي 16 مليون مصري يعانون من أمراض الاضطراب النفسي و ربنا يستر.ـ

Thursday, April 24, 2008

الأهيف


كنت دائما أسأل نفسي لما يسمي البعض الجنيه المصري "الأهيف" خاصة في الفترات القديمة حيث لاحظت هذا الموضوع في الأفلام المصرية القديمة حين يتكلم احدهم عن اخر حاسدا اياه "دا يحتكمله علي ميت اهيف" مع العلم أن هذا "الأهيف" كانفي ذلك الوقت أغلي من الجنيه الذهب الانجليزي في هذه الفترات, فهل كان المصريون يتنبأون بمستقبل الجنيه المصري و ما سيؤول اليه من حالة تصعب علي الكافر" أم أن المصري كان مع قوة الجنيه لم يكن يجده فأخذ يسبه ناعتا اياه بالهيافة ام ماذا.ـ
ما أعرفه حقيقة هو أن "الأهيف" أضحي أهيف من ذي قبل بكثير حيث لا توجد تنمية في بلادنا و ذلك ليس بسبب الحروب التي مرت بمصر كما قد يتعلل البعض فكما ترون ألمانيا و قد أصبحت من الدول الصناعية الكبري بعد أن كادت تفلس بشرا لا أمولا فقط, نعم كادت المانيا أن تصبح جناحا في متاحف التاريخ الطبيعي لكنها قامت من الهزيمة و الافلاس لتصبح قوة يشيد بها اعدائها قبل ان يشيد بها ابنائها الذين كانوا السبب في هذه القوة برغبة في التنمية و ارادة للبناء و لا تنسوا نزاهة الادارة عن أي مطامع.ـ

من الممكن أن يكون السبب هو العبء السكاني كما يردد البعض وراء أحدهم معللا سبب فشله "الربع قرني" فلينظر عميان القلب و البصيرة الي الصين "النمر القادم" و الذي لا اشيد بأي شيء فيه أكثر مما أشيد بسرعة جريان عجلة التنمية فيه و النهضة الاقتصادية المخيفة, البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 1.25 مليار نسمة (الدولة الاكثر سكانا في العالم) و الذي للحق لا أعرف عن عملتهم غير اسمها (يوان) لكنني متأكد أن التنمية في هذا البلد هدف تحققه يوما بعد يوم و بالطبع هذا الهدف يكون علي حساب سذاجة دول مازالت تعيش في ذكريات و اوهام الريادة التي كانت.ـ

كما رأينا دولة تسعي و لا تركن الي ما كانت عليه و دولة تري في يدها موارد بشرية (فم و يدان عاملتان) لا عوائق بشرية (فم و يدان مغلولتان)هذه دول تعرف ان التنمية و التطور يجب ان يوجد في بيئة صحية من الاصلاح فإذا وجد للفساد يد وجد للاصلاح سيف تبترها حيث وجدت و هذا هو الحال في اي بلد يحترم نفسه و يحترم مواطنيه فيري الجميع الفساد يزج به في السجون و لا يرقي في المجالس الوزارية و البرلمانية.ـ

يا الله دائما ما استطرد, نعود للأهيف (لا مؤاخذة) الذي نري من مظاهر هيافته ان يترك للهاربين ان يعبوا منه عبا قبل رحلة الهروب المباركة التي يقوم بها كل منهم.ـ
ايضا من مظاهر هيافته ان يقف احدهم في مجلس الشعب فيتكلم عن المليار جنيه باستهتار فيقول: "انها سبعة مليارات و ليس مائة مليار, اذن لما هذه الأزمة اذن؟"

المهم أن الأهيف أصبح يا ولداه عملة مسكينة لا يكفي لشراء رغيف خبز يؤكل (حددت "يؤكل" لأن الرخيص لا يؤكل فعلا) في بلد يملك من الموارد الطبيعية الكثير و البشرية الكثير و الانسانية (اثار و معالم و تاريخ و ادب و فن) الكثير لكن للاسف اصبحنا كمن معه شبكة للصيد فلم يفعل بها أي شيء غير تقييد نفسه بها.ـ

أخيرا أعود و أكررفأقول أن هذا "الأهيف" كان من العملات القوية عالميا و عربيا حتي و هو يوصف بالأهيف حتي أنه كان للأشقاء في سلطنة عمان أغنية اسمها "وجهك جنيه مصري ما أقدر أشتريه". أرأيتم أن الجنيه حينما كان يسمي في بلده بالأهيف "و لم يكن بالأهيف والله" كان الاخرين يرونه حلم بعيد المنال عن اليد القصيرة.ـ
ملحوظة: هذه الكلمة مجرد بحث في اصل كلمة الأهيف, حتي لا يعتقد أحد أنها كلمة نقدية. و عموما اللي يعتقد يضرب دماغه في الحيط و اللي عنده معلومة عن موضوع الاهيف يا ريت يعرفني في التعليقات. شكرا.ـ

Wednesday, April 9, 2008

عدي النهار

موال النهار, اغنية العندليب ذات البداية الحزينة والوسط و النهاية الثائرين و التي لا أعرف إن كان قد غناها بعد النكسة ام قبلها. أشعرني جو هذه الأغنية بمقدمتها الموسيقية الحزينة بحال الوطن فشعرت ان حال الوطن اصبح كحال "بداية" الاغنية, حزين بل و يدعو للبكاء ايضا. مصر التي كانت و لم تعد كما كانت أو كما قال أحدهم "شكلها كده خربت", فماذا حدث؟

لا يهم ما حدث فقد قتل الباحثون و المثقفون و الاعلاميون و الادباء وكل فئات المجتمع هذا الموضوع بحثا "حتي حوكم بعضهم علي جريمة القتل هذه". ما يهم حقا كيف سيعود النهار, الموقف حاليا يمكن تشبيهه بسحابة سوداء احالت نهار مصر الي ليل بهيم لا قمر فيه علي الرغم من وجود شمس "نعرف انها موجودة و لا نشعر بها" لنعيش ليل وراءه ليل شاعرين أن النهار قد عدي و انتهي.ـ
من هنا جاء اسم المدونة "عدي النهار" و التي ارجو ان تصبح موضوعاتها (ذات طابع الخواطر و الفضفضة) يوما ما ذكريات اقرأها لأتذكر اياما بعيدة كان الجميع فيها موقن بأنه لا أمل و أنه قد عدي النهار.ـ